Saturday 20 February 2010

تحميض لا مفرّ منه


"أشوف الأول إنى نجحت و ساعتها أصدق إنى أقدر أنجح"

تفتكر إن الأسلوب الأفضل فعلا إن الإنسان يسعى و يعمل و هو غير مصدق أو غيرمتوقع إنه هينجح ، و بدون صورة واضحة فى ذهنه عن هذا النجاح، أم المفروض إن الإنسان يتوقع النجاح أولا و يتصوره جيدا حتى توجد أمامه صورة واضحة يسعى لها بخطة واضحة و فعل مستمر ، حتى يتمكن من تحقيق هذا النجاح ، أو الهدف المنشود؟؟؟


الحقيقة إن الاختيار الثانى هو الأصح ، وهو اختيار أن تفكر فى تحقيق أهدافك بطريقة "سأرى عندما أؤمن"
و ليس العكس
إزى ده؟؟
لأن الإنسان إذا لم يؤمن بنجاحه أو لم تكن لديه صورة واضحة لنجاحه ده ، و مش متصور أو مش مصدق إنه ممكن ينجح فعلا ، فعند مواجهته لمعوقات و تحديات الحياة ، هيكون أسرع فى الاستسلام و اليأس، لأنه سيكون متوقع الأسوأ ، و غالبا ما سيتوقعه سيحدث له فعلا، لأن ما يتوقعه الإنسان بقوة يحدث له فعلا، و كمان لأن عقله سيبحث له عن الأسوأ، اما على النقيض ، فعندما يكون عندك يقين بإنك هتنجح يعنى هتنجح بإذن الله ، و متصور ده فى عقلك و متخيله بالتفصيل وبإستمرار و بيقين شديد ( و حط تحت يقين شديد دى مليووون خط) فسيسهل عليك معرفة ما ينبغى عمله لتحقيق هذا الهدف

و حتى إذا حدث فى لحظة أنك كنت متضايق أو محبط ، فسوف تكون على يقين بداخلك بإن دى مجرد مرحلة مؤقته فى طريقك لتحقيق هدفك ، لأنك متأكد و عندك صورة واضحة أنك ستصل إلى هدفك فى النهاية بإذن الله

و الحقيقة الموضوع ده باشبهه بصورة الكاميرا الفوتوغرافية ،إزااى؟؟؟؟؟

فلابد لك أن تجهز الصورة التى تريد إلتقاطها أولا، ثم تلتقطها بالفعل بواسطة الكاميرا، .. مع ذلك فهذا وحده لا يكفى حتى تظهر الصورة مطبوعة ، لابد من بعض الوقت الذى ستعمل فيه بحرص و اجتهاد حتى يتم تحميض الصورة بشكل سليم، لكى تظهر على أرض الواقع
و كون إن الصورة أول ما قمت بالتقاطها ، لم تظهر على ارض الواقع ، فده مش معناه أبدا إنها مش هتتحقق ، هى فقط بحاجة لبعض الوقت و الجهد المنظم الملتزم

كذلك الصورة الذهنية ، لازم أن يكون عندك صورة واضحة فى عقلك لما تريد تحقيقه ، حتى تتمكن من تحقيقه فعلا، و الصورة لوحدها برضه مش كفاية ، الصورة محتاجة وقت مع تخطيط و عمل ملتزم حتى تتحقق على أرض الواقع

و الصورة الذهنية بتكون أفضل و أكثر مرونة من صورة الكاميرا، ليه؟؟

لأن صورة الكاميرا إذا أخفق أو أخطأ الشخص فى تحميضها و أتلف الفيلم ، فإن الصورة تذهب و لا تعود مرة أخرى ، أما الصورة الذهنية ، فمكانها فى عقلك أنت و أنت قادرا على صنعها و تصورها ، فحتى إذا حدث إخفاق فى عملية تنفيذها على أرض

الواقع ( تحميضها) ، فبإمكانك دائما إن تعدّل فى تنفيذك و تغير فيه و تستكمل ما بدأت لكى تحقق الصورة التى فى عقلك و (تحمضها) على أرض الواقع

و لذلك ، فعندما يؤمن الإنسان بنفسه و بإن الله لن يضيع أجره ، و يضع لنفسه صورة ذهنية إيجابية و يجتهد ليحققها ، فستكون مسألة وقت حتى يتم تفعيل هذه الصورة

فالذى يقول "سأؤمن عندما أرى النتيجة أولا" ، هو بالضبط كمن يقول أنه سيرفض أن يصور بالكاميرا ، لأنه سيصدق أن الكاميرا قادرة على التصوير عندما تظهر الصورة على ارض الواقع أولا

!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

فالنتيجة إن اللى بيفكر بالطريقة دى هيفضل منتظر الصورة دى كثييييير قوى ، و فى الآخر يتشاءم و يحبط و يقول مفيش فايدة
!!!!!!!!!!!

و موضوع الصورة الذهنية ده بيسير فى الاتجاهين !!!!! يعنى إيه؟؟؟؟

يعنى إن الصورة دى هتتحقق فعلا سواءا كانت صورة جيدة أو سيئة ، لذلك يوجد المقولة الشهيرة
( احترس مما تفكر فيه و تتمناه لأنه من الممكن أن يتحقق)

و احنا عندنا معنى مهم جداااااا ، بأن ربنا سبحانه و تعالى بيكون عند ظن عباده به ، ففى الحديث القدسى ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فى ما بلغ عن رب العزة
"أنا عند ظن عبدى بى ، فليظن عبدى بى ما يشاء"
فربنا سبحانه و تعالى بيوعد عباده إنه كما يظنون به ، كما سيحدث لهم

علشان كده بيكون خسارة جداااااااااااااااا ، لما واحد يتوقع الأسوأ و يضع فى ذهنه صورة سيئة ، و يبرر ده بإنه يقول "بس أصل أنا عارف نفسى مش هنجح و مش معقول أحقق الهدف ده" ، و لمّا فعلا الموضوع لا ينجح ، فيقول بلهجة المنتصر و الأكثر دراية بالأمور : " شفت؟ مش قلت لك مش هينفع و مش هانجح، أنا باقول لك أنا عارف نفسى كويس"

و لكن الحقيقة إنه فعلا نجح ، نجح فى إنه ينفذ بالضبط ما رسمه و تصوره فى عقله ، و عقله نفذ له ما تصوره ، فعندما تصوّر و تيقن أنه لن يصل لهدفه و كان بيسعى و هو عنده القناعة دى ، فكان طبيعى جدااااااا إنه فعلا لا يصل لهدفه ، و عقله نفذ له ما أراد ، و الصورة اللى فى ذهنه هى التى تم تنفيذها فعلا (تحميضها) فى واقعه

فالفارق الآخر و المهم جدا بين صورة الكاميرا و الصورة الذهنية ، إن صورة الكاميرا تحميضها بيكون اختيارى ، ممكن تحمضها أو لأ ، أما الصورة الذهنية ، فتأكد إن تحميضها و حدوثها على أرض الواقع هو أمر لا مفر منه ، و هيحدث حتما ، لأن الانسان طالما عايش فهو بينفذ ما يأمره به عقله ، و من نعمة ربنا –سبحانه و تعالى – على الإنسان إنه هو نفسه يستطيع إنه يصدر الأوامر لعقله بما يريد من عقله أن يأمره به فيما بعد ،
أو بمعنى آخر ، إنك كما ستأمر عقلك و تضع فيه الصورة التى تتصورها و تفكر فيها باستمرار ، كما سيسعى عقلك وراء هذه الصورة ليساعدك على تنفيذها

و من يخاف من أن يتصور ما يريده أو أن يضع لنفسه حلم ، بسبب إنه (مش عايز يتوقع حاجة كويسة علشان لو لم تحدث فلا يصاب بالإحباط) ، فده فى حد ذاته هو أكبررر إحباااااط ، إحباط إن الإنسان يمنع نفسه حتى من مجرد تصور إنه سيصل إلى ما يريده ، فإذا الانسان توقع القليل و حصل على القليل ده – و أحيانا كثير بيكون أقل من هذا القليل- فسوف يصل لحالة استسلام للأمر الواقع و ستضعف همته للسعى فى المستقبل، و يصاب بالإحباط فعلا ، و الكارثة الأكبر ، إنه بدل ما يتعلم من اللى حصل ده ، بيقول (طب كويس بقى إنى لم أتوقع شىء كبير ، علشان مايجليش إحباط)

!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

ده على أساس إن اللى هو فيه دلوقتى ده مش إحباط مثلا

أما على الجانب الآخر ، فإذا كان لدى الانسان صورة و هدف بما يريده و سعى و اجتهد و حدث إنه فى مرحله من المراحل لم يحدث نفس قدر النجاح اللى كان متوقعه ، فكون أن لديه صورة ذهنية قوية بأنه سينجح حتما ، فده هيعطيه الدفعة القوية إنه يحاول مرة أخرى و أخرى بدون يأس أو كلل ، لإنه عنده صورة لنفسه بإنه هيصل بإذن الله ، هى فقط مسألة وقت و جهد منظم

و حتى عندما نسمع أحيانا لأحد الناجحين و هو بيقول (أنا اتفاجئت بالنجاح و لم أكن متوقع ده على الإطلاق)، فيظن البعض إنه لا علاقة بين توقع النجاح و بين حدوثه ، و لكن ده ظن خاطىء
طب أمال إيه اللى بيقوله ده ؟؟؟ و جه إزاى؟؟؟؟؟

اللى بيقوله ده ببساطة بيكون له ثلاثة أسباب ،ممكن يكون أى سبب منها أو كذا سبب مجتمعين مع بعض :

السبب الأول إن الشخص بيكون عنده أمل بحدوث النجاح و بيسعى له بقوة ، و لكن صدمة تحقق هذا الأمل على أرض الواقع لها عامل مفاجأة و فرحة أخرى ، تماما كمن يجتهد فى المذاكرة و يتمنى أن يكون الأول و يرسم فى عقله هذه الصورة و يعمل على تحقيقها باجتهاد شديد ، و مع ذلك فكلللللل ده لن يمنع فرحته الشديدة و مفاجأته عندما يصبح الأول فعلا

و السبب الثانى إنه ممكن فعلا يكون فى مرحلة من مراحل حياته لم يكن متوقعا لهذا النجاح على الإطلاق، و لكنه كان فى الماضى متوقع شىء معين ، و عندما تحقق و نجح فيه ، فتوقع شىء آخر أعلى منه ، و مع الوقت و مع تكرار التوقعات الإيجابية و مع نجاح و راء نجاح بدأ توقعه يزداد تدريجيا إلى أن وصل لهذا المستوى، و لكنه فى بداية الطريق لم يكن عنده هذا المستوى من التوقع

و السبب الثالث – و المهم جدا- إن ربنا سبحانه و تعالى من أسمائه الحسنى الكريم و الجواد ، فمن يجتهد و يعمل و هو عنده هدف و رؤية واضحة ، و هو يحسن الظن بالله ، فممكن جدا تجد إن ربنا كرمه بأكثر مما تصور ، و فتح له أبواب عديدة

و يوجد العديييييد من الناجحين اللى كانت لديهم صورة ذهنية واضحة و إيجابية لما يريدون فى الحياة ، و يعملون بجدية و التزام ليحققوا هذه الصورة
على سبيل المثال (بيل جيتس) مؤسس شركة (مايكروسوفت) و الذى ظل أغنى رجل فى العالم لسنوات عديدة ، (بيل جيتس) عندما سُؤل السؤال التقليدى ( هل أنت كنت بتحلم باللى وصلت له دلوقتى؟) ، فهو استغرب السؤال و أجاب بتلقائية

"باحلم باللى وصلت له دلوقتى !!!؟؟ ده أنا كنت بامشى جوة حلمى"

ياااه ، إجابة قوية جدا ، مش كده ؟ ، يعنى مش بس كان راسم صورة لحلمه فى ذهنه ، ،دى كانت صورة مرسومة و محفورة بداخله بالتفصيل لدرجة إنه كان عايشها و بيدخل و يمشى بداخلها فى عقله من كتر وضوحها، و على قدر وضوح الصورة ، على قدر ما استطاع إنه يحققها على أرض الواقع

ويوجد موقف ذكره (زيج زيجلار) مدرب التنمية البشرية أنه عندما تم افتتاح

حديقة (والت ديزنى ) الشهيرة فى فلوريدا ، كان ذلك بعد وفاة (والت ديزنى) نفسه ، فأحد الصحفيين كان بيعلق لــ (روى ديزنى) أخو (والت ديزنى) و بيقول له: "خسارة إن (والت) رحل عن عالمنا و مش موجود معانا علشان يشوف الحديقة" ، فرد
عليه (روى) و قال له
"ده هو أول واحد شافها"

فعلا (والت) كان أوووول واحد شافها فى عقله هو و لذلك مع التخطيط و العمل الملتزم أصبحت حقيقة يراها الآخرون، و استمرت حتى بعد وفاته

و من تاريخنا ، يوجد القصة الشهير لأربعة أولاد يجلسون حول الكعبة و كل واحد منهم بيقول هو نفسه يكون إيه لما يكبر، فأحدهم قال إنه يطمح بأن يحكم العراق، و الثانى قال أنه يطمح بأن يحكم العرب ، و الثالث يطمح بأن يحكم الدنيا ، و الرابع قال أنه يتمنى أن يؤخذ عنه العلم و يصير من العلماء، و بعد زمن من هذه المحادثة كان لكل واحد فيهم ما تصور لنفسه ، فالأول كان (مصعب بن الزبير) و حكم العراق فعلا، والثانى كان (عبد الله بن الزبير) و فعلا حكم العرب ، و الثالث كان (عبد الملك بن مروان) و فعلا أصبح خليفة للمسلمين ، و الرابع كان (عروة بن الزبير) و بالفعل أصبح من أعظم علماء المسلمين

و كلللل الأمثلة دى و غيرها ، أكبر بكثييييير من أن تكون مجرد مصادفة ، إنما كانت صورة مرسومة فى العقل و هدف محدد يتبعه تخطيط و يصاحبه عمل و اجتهاد ، و كل ده مع يقين شديد بالله –سبحانه و تعالى- بإنه لن يضيع أجر من أحسن عملا

و لذلك فسترى نتيجة عملك ، عندما تؤمن أولا بأنك تستطيع و تقدر

فانتبه لما تزرعه فى عقلك ، لأنك حتما ستحصده فى واقعك

فأحسن الظن بالله ، و أيا كان هدفك أو ما تريد أن تفعله ، فضع صورة فى ذهنك واضحة له ،و اضبط بوصلة عقلك فى اتجاه هذه الصورة ، و كلما كانت الصورة أكثر وضوحا كلما ساعدك ذلك على تحقيقها و ساعدك على معرفة ما ينبغى عمله للوصول إليها ، واكتب هذه الصورة، فــ ( كتابة الهدف تمثل 50% من تحقيقه) ، و بكتابتك له

بتثبت إنك بتؤمن به حقا و بتؤمن بحدوثه ، و حينها أبشر، لأنك حتما ...سترى عندما تؤمن ...، خاصة عندما تتبع ذلك بالتخطيط الجيد و السعى و الجهد المستمر المنظم ، و الأخذ بالأسباب كاملة ، و كن على يقين بأن الله –سبحانه و تعالى – سيحقق لك ظنك و يكرمك أيضا، و ما تتصوره فى عقلك ستجده حتما فى واقعك ، فتنفيذ هذه الصور سيكون بمثابة تحميض....تحميض لا مفرّ منه