Thursday 5 November 2009

اجتهد بأسلوب النظرية النسبية




"عندك كام سنة؟"


، سؤال بيتسأل كل يوم من شخص للتانى ، ممكن علشان يتعرف عليه أكتر أو يمكن علشان يقيّم مستوى تفكيره أو إنجازه فى الحياه أو حتى علشان يقيّم صحته، إنما لما الانسان يقعد كده يفكر مع نفسه " هو أنا بقى عندى كام سنه؟" يا ترى بيقيّم إيه ؟ شكله، صحته، مستواه الاجتماعى أوالمادى أو العلمى ، إنجازاته فى الحياة ، أو أو ، طب و بعد ما بيقيم ، ياترى بيزعل و اللا بيفرح ؟ ، و لما بتفكر فى سنك بتحس إنك لسه سنك أقل من إنك تعمل حاجة مفيدة و فيها إنجاز ، و اللا بتزعل على الوقت اللى ضاع و كان ممكن يتعمل فيه حاجات كتير و ماعملتهاش

طب أسألك ،هو أنهى سن بالضبط اللى بتقيّم على أساسه ؟؟؟
يعنى إيه السؤال ده؟؟؟

!!!!!
المفروض إنه السن من تاريخ الميلاد، ده العادى يعنى

!!!!!

أيوه أكيد ده سن مهم و بيحدد أشياء كثيرة ، فمثلا مش هاطلب من طفل عنده سبع سنوات إنه يعمل عمليه جراحية معقدة لمريض على وشك الوفاة ، و لو إنها حصلت فعلا فى الهند و العملية دى نجحت، وعمليات غيرها كتير، و الطفل ده بقى بيعالج القرية بأكملها بأفضل الطرق الطبية اللى اتعلمها من خبرتهأيييييييوة خبرته- و مذاكرته للكتب و المراجع الطبية وعُرض عليه منحة لدراسة الطب فى الولايات المتحدة ،

إنما هنا بنسأل عن ما وراء السن اللى فى شهادة الميلاد ؟؟ عن تقييمك و احساسك بالسن ده بعد ما بتتذكره ، بتقيم نفسك على أساس إيه؟ هل على أساس رقم شهادة الميلاد فقط ؟؟ و اللا بتقّيم سنك بالنسبة لــــ، عمرك الحيوى – اللى له علاقة بكفاءة وظائف الجسم و الصحة عموما - ، و اللا عمرك العقلى – اللى له علاقة بنضج تفكيرك و اهتماماتك و مدى اطلاعك ، و اللا عمرك الإجتماعى – اللى له علاقة بذكاءك فى التعامل مع الناس فى شتى المواقف و فهم أنماط الناس و خبراتك الحياتية ، و اللا عمرك كقدر إنجازك فى الحياه؟؟
ده الواحد طلع عنده كذا عُمر ، مش كده؟
و على فكرة مش شرط إطلاااااقا إن أى عُمر من الأعمار دى يساوى سنك الحقيقى ، ده ممكن جدااااا كل حاجة من دول تطلع برقم مختلف تماااااااما عن سنك ، يعنى موضوع العمر ده بيختلف من واحد للتانى حسب الجوانب اللى ذكرناها ، و اللى مهم إنك تفكر فيها كلها ، مش فى جانب واحد فقط ،....... فعُمرك و حياتك أعمق بكتير من مجرد فكرة إنت عاصرت الأرض لما دارت حوالين الشمس كام مرة،.......يعنى كوكب عطارد –مثلا - السنة فيه بقيمة ثمانية و ثمانين يوم أرضى، يعنى إذا كان عندك عشرين سنة ، فبحسابات عطارد يبقى عندك ثلاثة و ثمانين سنة!!!!!! ، و لو بحسابات كوكب زحل اللى السنة عليه بقيمة تسعة و عشرين سنة أرضية و نصف ، يبقى كده عمرك لسه يادوب كام شهر!!!!!!، يعنى لما تفكر فيها من الناحية الزمنية كأرقام و حسابات ، هتجد إن المسألة كلها نسبية تماما ، مش بس بالنسبة للكواكب و لكن فى حياتك كمان، إزاااى؟؟

لما اتكلم أينشتاين عن النسبية قال إن "كل ما الجسم تكون حركته أسرع ، كلما يتباطأ الزمن بالنسبه له" ، و بدون الدخول فى تفاصيل النظرية ولكن يقصد بتشبيه بسيط ، إن لو أخين توأم ، واحد فيهم فضل على سطح الأرض – بسرعة الأرض الطبيعية- ، و التانى طلع فى صاروخ فضائى بيطير بسرعة عالية جدا جدا ، فبعد ستين سنة كده ، هيكون الأخ اللى فضل على الأرض عجّز و كبر، إنما الأخ اللى طار بسرعة عاليه جدا جدا لسة شباب
!!!!!!!!!!
ليه؟؟
لأن لسرعته العالية ، الزمن عدّى بالنسبة له ببطأ شديد فلم يكبر كثيرا فى السن، و الكلام ده علمى و حقيقى فعلا و تم إثباته من وقت أينشتاين، إنما المهم هنا ،إننا ممكن نستفيد من الكلام ده و نطبقه على عُمرنا و حياتنا إزااااى؟؟

أكيد، أكيد ،أكيد يعنى ما أقصدش إن كل واحد يجيب صاروخ فضائى و يركبه و يطلع الفضاء علشان الوقت عليه يمر ببطء، و لما يرجع يغيظ أصحابه علشان كلهم بقوا عواجيز و هو لسه شباب!!!!! ،...................إنما اللى باتكلم عليه هنا جملة أينشتاين " كل ما الجسم تكون حركته أسرع ، كلما يتباطأ الزمن بالنسبه له" ، ولكننى هنا نظرت لها بمنظور مختلف ، منظور سرعة الاجتهاد و السعى فى الحياة، إنه كلما سعيت أكثر و أجتهدت أكثر و كنت جادا فى سعيك و نظمت أنشطتك ، فستنجز فى وقت أقل ( لأنك أحسنت استخدام الوقت)، و بمرور الأيام، يبقى هتنجز أيضا فى عُمر أقل ، و كإن –مجازا يعنى – سرعة الزمن تباطأت بالنسبة للسرعة العالية لحركة إجتهادك ، و نقدر نقول إنك كده، بتجتهد بأسلوب النظرية النسبية


و أمثلة الناس اللى طبقت الكلام ده كتير، فمثلا حد زى (هايزنبرج) صاحب نظرية ميكانيكا الكم ، حصل على الدكتوراه و هو فى سن الثانية و العشرين و حصل على جائزة نوبل و هو عنده واحد و ثلاثين سنة !!!!!!!!!!!، أكيد إجتهاده كان كبير، و كمان حبه لعمله كان كبير علشان كده أنجز فى سنّه ما ينجزه الآخرون فى سن أكبر منه بكثير ، و الأمثلة عدييييدة جدا ، زى العالم الأندلسى ( ابن جُلجُل) و اللى أثرى علمَى الطب و النبات إثراءا عظيما ، عاش –فقط- لمدة اثنين و ثلاثين سنة ، و (مارى كورى) حصلت على جائزة نوبل الأولى و هى عندها ستة و ثلاثين سنة ، و الثانية و هى عندها أربعة و أربعين سنة ، و غيرهم و غيرهم الكثير


فلا تستهين بعمرك أبدا و لا يكون ذلك سببا لكى لا تثق فى نفسك، فمهما كان عمرك، تقدر بحسن اجتهادك و تنمية مواهبك ، و قبل كل ذلك بتوفيق من الله – سبحانه و تعالى – أن يبارك الله لك فى الوقت و تحسن استغلال عمرك فى جوانب حياتك المختلفة،


و إذا كنت من اللى بيفكروا إن الوقت عدّى خلاص و حاجات كتير كان ممكن تعملها و معملهتاش، فأقول لك ببساطة شديدة ، إنه طالما انت لسه عايش –أكيد عايش طالما بتقرأ هذه السطور- يبقى لا داعى لأن تقتل عزيمتك و جسدك مازال حيا، و اجتهد بطريقة النظرية النسبية ،وعوّض ما فاتك ، فكما يقولون "لا يوجد ما يسمى بمتأخر زيادة عن اللزوم"
"It is never too late"
و من المقولات الرائعة فى التنمية البشرية " غدا هو أول يوم فى حياتك القادمة"، فمهما مرّ من الوقت ، فتذكر إن دائما أمامك وقت آخر، فما لا يُدرك كله .. لا يُترك كله،


فإنسان مثل (العز بن عبد السلام) بدأ – و لاحظ كلمة بدأ- يتفرغ للعلم الشرعى و هو عنده واحد و خمسين سنة ، و النتيجة إنه أصبح سلطان العلماء.....، و فى زمننا المعاصر (هارلند ساندرز) مؤسس و صاحب خلطة دجاج كنتاكى الشهيرة ، بدأ مشروعه و هو عنده خمسة و ستين سنة، و عاش لحد ماشاف مشروعه و حلمه بيكبر أمامه ، لغاية ما مات وهو عنده تسعين سنة، يعنى إذا افترضنا – مجرد فرض- إنه ما كنش بدأ مشروعه و قال كلام من نوعية " خلاص أنا راحت عليّه" أو "أهيه عيشة و السلام "، أواتنهد كده و قال: " إييييييه.. يللا بقى حسن الختام"، كان زمانه فضل قاعد منتظر الختام ده خمسة و عشرين سنة !!!!!!!!!، و لكن بدلا من ذلك قضى الفترة دى فى السعى الإيجابى لهدفه و استمتع بسعيه كمان ، و عالِم الإقتصاد (ويليام فيكرى) اللى فضل مكمّل فى عمله و أبحاثه بالرغم من كونه فوق الثمانين، و لحق إنه يحقق حلم نوبل و هو عنده اثنين و ثمانين سنة ، و عرف بخبر فوزه بالجائزة قبل ثلاثة أيام فقط من وفاته....، يعنى حرفيا اجتهد حتى آخر عمره و استمتع بثمرة إنجازه

و الشىء المشترك بين كلللل من ذكرتهم فى البوست إنهم قرروا يستمتعوا بحياتهم و ينجزوا فيها، بإن يفعلوا ما يحبونه و يسعون فيه باجتهاد و تواضع و إخلاص ، و بصرف النظر عن عدد دورات الأرض حول الشمس و المكتوب رقمها فى شهادة الميلاد

فكن مثل هؤلاء ، و اعلم إن الموت يقين ،و إلى أن تصل لهذا اليقين ، فمهما كان عمرك ، أنت مازلت حيا ، فاستمتع بهذه الحياة التى منحها الله لك ، و اجتهد فيها....... بما يُرضى الله ،..... و بما يُرضيك يوم أن تلقاه
----------------------------------------------


ممكن يكون أحد أسباب اللى أدت لاختيارى لكتابة هذا الموضوع فى هذا التوقيت، هو اقتراب يوم ميلادى ( ال9 من نوفمبر) بإذن الله ، فأسألكم الدعاء بأن يمن الله علىّ و إياكم بالبركة فى العمر و حسن الخاتمة إن شاء الله


جزاكم الله خيرا